الاتفاقيات بين الشفافية والغموض مقارنة بين اتفاقية أسياس أفورقي وأبي أحمد واتفاقية أنقرة بين الصومال وإثيوبيا

 

الاتفاقيات بين الشفافية والغموض مقارنة بين اتفاقية أسياس أفورقي وأبي أحمد واتفاقية أنقرة بين الصومال وإثيوبيا

في عالم السياسة، تُعتبر الاتفاقيات الدولية ركناً أساسياً لتحقيق السلام والتعاون بين الدول، شريطة أن تقوم على مبادئ الشفافية والاحترام المتبادل، مع وجود طرف ثالث كضامن لتحقيق الالتزام الفعلي ببنودها

اتفاقية أنقرة: نموذج للشفافية والتعاون

اتفاقية أنقرة، التي جمعت بين الصومال وإثيوبيا بوساطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قدمت مثالاً يحتذى به في هذا الصدد. فقد تم إعلان نصوص الاتفاقية بشكل واضح وصريح، بحضور جهة ثالثة ممثلة في تركيا لضمان الالتزام ببنودها. هذا النموذج من الشفافية عزز الثقة بين شعبي الدولتين وأعطى الاتفاقية صفة رسمية تضمن تنفيذها.

اتفاقية أفورقي وأبي أحمد: غموض يثير الشكوك

على الجانب الآخر، نجد الاتفاقية التي عُقدت بين أسياس أفورقي وأبي أحمد، والتي مثلت النقيض التام لاتفاقية أنقرة. فهذه الاتفاقية اتسمت بالغموض التام، حيث لم يتم الكشف عن أي تفاصيل حول بنودها أو أهدافها. لم يكن للشعب الإرتري، ولا حتى الجهات الإقليمية والدولية، أي علم بما تضمنته هذه الاتفاقية التي أُبرمت في جلسات مغلقة بعيداً عن الأنظار

حتى بعد زيارة أسياس أفورقي لإثيوبيا، استمر الشعب الإرتري في حالة من الحيرة والتساؤل حول محتوى هذه الاتفاقية. هذا النهج الغامض يعكس سياسات أسياس أفورقي التي تقوم على الإخفاء وتجاهل تطلعات الشعب، مما أدى إلى تعزيز فقدان الثقة بينه وبين الإرتريين

سلسلة إخفاقات متكررة

الاتفاقيات المبهمة بين النظام الإرتري ودول أخرى ليست بالأمر الجديد. فمنذ التحرير وحتى اليوم، انهارت جميع الاتفاقيات التي أبرمها النظام، بما في ذلك تلك التي أُبرمت مع دول خليجية. هذه الإخفاقات المتكررة تُظهر أن الهدف الأساسي للنظام ليس خدمة مصالح الشعب الإرتري، بل تعزيز قبضته على السلطة بأي ثمن

غياب الديمقراطية وتكرار الفشل

الأمر الذي يُبطل مصداقية أي اتفاقية يُبرمها أسياس أفورقي هو حقيقة أنه الرئيس الوحيد في في القرن الأفريقي الذي حكم لأكثر من ثلاثين عاماً دون أن يُنتخب من الشعب. في ظل غياب الديمقراطية وغياب أي مؤسسات تمثل الشعب، تصبح الاتفاقيات التي يبرمها مجرد أدوات لتثبيت سلطته الفردية

شفافية الاتفاقيات: مفتاح النجاح

على النقيض من ذلك، عندما تكون الاتفاقيات مبنية على الشفافية والإفصاح، كما في اتفاقية أنقرة، فإنها تُظهر احتراماً لإرادة الشعوب، وتُساهم في بناء علاقات دولية قوية ومستدامة

السؤال الأهم: إلى متى؟

إلى متى سيستمر النظام الإرتري في سياسة الغموض وتجاهل إرادة الشعب؟ ومتى سيحصل الإرتريون على حقهم المشروع في الاطلاع على القرارات المصيرية التي تؤثر على مستقبلهم؟

الشفافية ليست خياراً، بل هي ضرورة لتحقيق السلام والازدهار في أي أمة

حسين حب الدين زمزمي

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print