متى تتحرك المعارضة .. لينهض المواطن والوطن
بقلم : مهندس سليمان دارشح
12/1/2023م
إن المتتبع لما يجري ويحدث اليوم في إرتريا، يري ويسمع شيء غريب وعجيب ومستنكر ، هو أن شعبها بعد أن كافح وناضل طيلة سنوات ، وحقق انتصاره التاريخي العظيم ، ونال مبتغاه الاستقلال التام ، يجد نفسه بعد مضي (31) عاماً قد جنى الإفلاس والموات والجوع والفقر والتشرد والحرمان ، والبؤس يصدع كل مدنه وقراه وأقاليمه
والأغرب من ذلك كله ، طوال هذه السنوات أقلية عنصرية طائفية مستبدة تتحكم في مصير بلاده ، وتشبع هذه الأقلية بلا جهد ، وتكنز بلا تعب ، والأغلبية الساحقة من الشعب تشاهد خيرات وطنها وثرواته تنهب وهي تجوع ولا تملك غير الهم والغم يفعمان النفوس
والآن الأمور بمألاتها ، أنظر هاهو نظام الشعبية الاستبدادي العنصري ، حرق الاخضر واليابس ، وسلب كرامة الإنسان الإرتري ، والمعارضة الوطنية الإرترية لا تحرك ساكن مرتبكة ، يغطيها السواد من كل جانب ، مشتتة إلي معارضات مشغولة كل واحدة منها بأوضاعها الداخلية وتدور حول نفسها
فمتى تخرج المعارضة من حقول التشتت والأنانية ، وتتوحد في إطار وطني جامع وتمتلك قرارها المستقل وتتحرك لينهض المواطن والوطن ، وتمضي في إصرار الشعوب التي نهضت علي ضعفها وتخاذلها وترددها بشجاعة
ومتى تقم وتتحرك المعارضة، وتفعل شيئاً ، ومن ذا الذي ينقذ لها بلدها من هؤلاء الأشرار ، وهي مسترخية هكذا ، تجتر ذكريات الماضي ، وتنظر في الهواء ، وتنتظر فرجاً ونعيماً يهطلان عليها من السماء ؟؟ لا أن هذا لم يجديها – المعارضة – ، ولن ليكون هو الخلاص لهذا البلد .. أن الخلاص الحقيقي يكمن في تحركها وانتفاضتها الشجاعة والجادة ، الذي لا تهاون فيها أو تراخ فيها
متي تشبع المعارضة نضالها تفانياً وإخلاصاً ، للخلاص من نظام الشعبية الحاقد ، الذي يكتم علي انفاس الشعب الإرتري ، والتأسيس لحكم وطني ديموقراطي ، يخدم الإنسان الإرتري ، ويؤمن له سبل العيش الكريم ، ويتيح امامه فرص التعبير عن الرأي بكل حرية ، أسوة بالبلدان التي تحكمها أنظمة ديمقراطية منبثقة عن صناديق الانتخاب.إذن إن المسألة فعلاً تحتاج إلي المناداة وربط الأحزمة والتوحد والتحرك والتجمع ، واستنهاض الهمم وشحذ العزائم ، والنزول إلى ساحات النضال بهمة وعزم الشعوب التي رفعت أوطانها من الوهدة ، ومضت بها في خطوات ماهلات علي طريق التقدم والرقي والحضارة
ويبقي القول : إسقاط النظام الدكتاتوري وقيام دولة ديمقراطية لا تقام بمجرد إطلاق الشعارات ، ولا تبني الدولة في الأذهان ، وإنما تقام بفعل موحد قوي وحقيقي علي أرض الواقع.. والشعوب الحية تدرك أهمية تجميع قواها الثورية ، ولا تتصالح مع واقع الفساد والاستبداد ، ولا تتراجع عن إرادة تغييره ولا تملّ مقاومته ، ولا تتلون كالحرباء مع كل موقف وظرف ، ولا تتخبط في بيداء لا يبزغ منها أمل .. قد تهج روح المقاومة قليلاً أو كثيراً ، لكنها لا تموت – وحكاية الشعب الإرتري – التي يرويها تأريخه- ليست بعيدة عن حكاية طائر الفينيق ، فهو يحترق وينهض من رماده ، وكل ما يتعرض له – الشعب الإرتري- من قمع وإرهاب ومطاردة وقتل وسجون وشقاء وعناء يتحول إلى لقاح لمضاعفة المقاومة ووقودٍ للزحف نحو التغيير المنشــود